خلال دورتها السنوية التاسعة عشرة، وافقت اللجنة الدولية الحكومية لصون التراث غير المادي، التابعة لمنظمة الأمم المتحدة للتربية والعلوم والثقافة "يونيسكو"، على طلب قدمته الجزائر لإدراج زيّي الڤندورة والملحفة النسائيين التقليديين لمناطق شرقي الجزائر، ومعارف ومهارات خياطة وصناعة حُلي تزيينهما، في القائمة التمثيلية للتراث الثقافي غير المادي للبشرية.
وخلال الجلسة، التي عُقدت في الثالث من ديسمبر/كانون الأول الجاري في العاصمة الباراغوايانية أسنسيون، عبّر الوفد الجزائري عن سعادته بالقرار وشكر اللجنة على الاعتراف الدولي، قبل أن يطلب عرض كلمة مسجلة لوزير الثقافة والفنون الجزائري، زهير بللو.
باسم بلاده، أعرب الوزير عن امتنانه للجنة لمصادقتها على ملف الجزائر، مؤكّدًا في سياق حديثه أن ما أُدرج على قائمة التراث الثقافي غير المادي للبشرية هما زيّا الڤندورة والملحفة الاحتفاليان، ومعارف ومهارات صناعتهما وتزيينهما.
عقب إعلان اليونيسكو قبولها طلب تسجيل الزيّين، ادعت حسابات على مواقع التواصل الاجتماعي ومواقع إخبارية أن المنظمة سجلت زي القفطان التقليدي باسم الجزائر، على قائمتها التمثيلية للتراث الثقافي غير المادي للبشرية.
راجع تدقيقي مقترح الجزائر على موقع اليونيسكو وتأكد أنها لم تقدم طلبًا لتسجيل زي القفطان، في القائمة التمثيلية للتراث الثقافي غير المادي للبشرية.
كما لا يظهر الزي ضمن قائمة عناصر التراث الثقافي غير المادي المسجلة باسم الجزائر على موقع اليونيسكو، منذ عام 2008، سنة تسجيل أول عنصر تراثي ثقافي غير مادي باسم الجزائر.
ويأتي تداول الادعاء في سياق جدل مستعر منذ سنوات بين الجزائر والمغرب، بشأن الأحقية التاريخية بزي القفطان، أعاده إلى الواجهة اعتراض مغربي على الملف الذي قدمته الجزائر لإدراج الڤندورة والملحفة في قائمة التراث الثقافي غير المادي لليونيسكو.
اعتراض مغربي على الملف الجزائري
بعد نهاية عرض كلمة وزير الثقافة الجزائري، تدخل عضو من بعثة المغرب ليطالب باحترام اتفاق، قال إن بلاده توصلت إليه بوساطة من أمانة اليونيسكو لصون التراث غير المادي، وذلك "لضمان سير الأمور بسلاسة"، على حد تعبيره، ملوحًا بإمكانية تقديم اعتراض على ملف الجزائر.
طلبت رئيسة الجلسة من ممثل لأوكرانيا، التحقق من وجود الاتفاق الذي أشار إليه عضو بعثة المغرب، قبل أن تمنح الكلمة ثانية للبعثة المغربية، "احترامًا لأصوات جميع الدول الأطراف في هذه الاتفاقية"، في إشارة إلى اتفاقية حماية التراث العالمي الثقافي والطبيعي.
وعند احتجاج البعثة الجزائرية، أوضحت رئيسة الجلسة أن تسجيل العناصر المتضمنة في ملف الجزائر قد تم بالفعل، وأن منح الكلمة لممثل المغرب جاء بناء على قرار من رئاسة اللجنة.
اتهام مغربي للجزائر بالاستيلاء الثقافي
قدم المغرب اعتراضه على ملف الجزائر على لسان سفيره لدى منظمة اليونيسكو، سمير الظاهر، الذي استنكر ما اعتبره "استغلالاً وتوظيفًا سياسيًا للاتفاقية"، موجهًا اتهامًا ضمنيًا للجزائر بالتآمر من أجل الاستيلاء الثقافي.
وأوضح السفير أن المغرب احتج منذ أشهر عدّة على تضمين ملف ترشيح زيي الڤندورة والملحفة، صورة ومقطع فيديو ظهر فيها زي تقليدي، ادّعى أنه قفطان "نطع" الفاسي المغربي. وشكر الظاهر أعضاء هيئة التقييم، على اقتراحهم تضمين قرار تسجيل زيي الڤندورة والملحفة، في قائمة التراث غير المادي، فقرة تذكر بأن استخدام الوثائق الداعمة، سواء كانت صورًا أو مقاطع فيديو، ليس مرادفًا للأصل أو الملكية أو الملكية الفكرية للتراث الثقافي غير المادي.
قفطان مطرّزٌ بالمجبود
يشير ملف تسجيل زيي الڤندورة والملحفة، الذي قدمته الجزائر، إلى الزي في الصورة محل الجدل باسم "القفطان المطرز" بـ "المجبود". والمجبود هي خيوط ذهبية تستخدم في تطريز أزياء تقليدية جزائرية عدة، بينهما الڤندورة والقويّط والكاراكو.
بحث تدقيقي عن أصل صورة القفطان، التي وصف المغرب إدراجها بـ "غير المبرر" واحتج على "عدم صلتها بالعنصر المرشح للتسجيل"، ووجد أنها التُقطت خلال عرض أزياء تقليدية أُقيم شرقي الجزائر، في 15 ديسمبر عام 2022.
وأقيم عرض الأزياء في قاعة العروض أحمد باي بقسنطينة، في إطار تظاهرة للباس التقليدي النسوي، نظمتها وزارة الثقافة الجزائرية، آنذاك، تحت شعار "الڤندورة القسنطينية.. هوية، جمال وتاريخ".
المغرب يقدم طلبًا لتسجيل القفطان في قائمة التراث الثقافي غير المادي
في 14 مارس/آذار عام 2023، أودع المغرب رسميًّا ملف تسجيل "التقاليد والمهارات المرتبطة بفن القفطان" في القائمة التمثيلية للتراث الثقافي غير المادي لليونيسكو.
وخلال مداخلته اعتراضًا على ملف الجزائر، كشف سفير المغرب لدى المنظمة أن بلاده قدمت طلبًا لتسجيل زي القفطان، سيتم النظر فيه خلال دورة عام 2025 للجنة الدولية الحكومية لصون التراث غير المادي.
إرسال تعليق